فإن بورما إحدى بلدان الهند الصينية تقع في جنوب شرق آسيا وماليزيا ، يحدها من الشمال الصين ، ومن الجنوب خليج البنغال ، ومن الشرق الصين وتايلاند ، ومن الغرب خليج البنغال وبنجلاديش. ويسكن أغلب المسلمين في الجنوب الغربي لبورما في أقليم أراكان الذي يفصله عن باقي أجزاء بورما حد جبلي هو سلسلة جبال (أراكان يوما) الممتدة من جبال الهيمالايا. وتُقدر مساحة إقليم أراكان للأغلبية المسلمة بعشرين ألف ميل مربع ، وعدد السكان في بورما يزيد على خمسة وخمسين مليونا أكثر من 20% منهم من المسلمين ، والباقي من أصحاب الديانات من البوذيين الماغ ، وغيرهم من الطوائف الاخرى. فعدد المسلمين في بورما يزيد على عشرة ملايين ، يسكن خمسة ملايين ونصف مليون منهم إقليم أراكان ، وهم يمثلون أكثر من 70% من سكان الاقليم.
والمسلمون من أفقر الجاليات في بورما وأقلها تعليما ومعرفتهم بالاسلام متواضعة محدودة ، وقد دخل الاسلام أراكان في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد في القرن السابع الميلادي عن طريق الرحالة العرب ، وانتشر الاسلام فيها حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها 48 ملكا مسلما على التعاقب لأكثر من 3 قرون ونصف قرن من بين عامي 834 ـ 1198 ، بما يوافق 1430 – 1784 من التاريخ الصليبي .
وانتشر الاسلام في بقاع بورما كافة وبها آثار إسلامية رائعة من المساجد القديمة والمدارس الشرعية والرباطات وغيرها.
ثم وقع الاحتلال البوذي لأراكان سنة 1784 ، وضمها الملك البوذي (بوداباي) إلى بورما ، وخوفا من انتشار الاسلام في المنطقة أخذ يخرب ممتلكات المسلمين ، ويتعسف في معاملتهم ، فملأ السجون منهم وقتل من قتل من العلماء والدعاة وغيرهم. وظل البوذيون يضطهدون المسلمين وينهبون خيراتهم مدة احتلالهم لأراضيهم ـ وهي أربعون سنة ـ انتهت بالاستعمار البريطاني لبورما سنة 1824. وضمتها بريطانيا إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية.
وفي سنة 1937 ضمت بريطانيا بورما إلى أراكان التي يقطنها أغلبية مسلمة لتكون مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية ، وعرفت آنذاك بحكومة بورما البريطانية.
وفي عام 1942 تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى على يد البوذيين الماغ بعد خصولهم على الاسلحة والامداد من قبل البوذيين البورمان والمستعمرين البريطانيين وغيرهم. وقد راح ضحية تلك المذبحة أكثر من 100 ألف مسلم ، أكثرهم من النساء والشيوخ والاطفال ، وشردت الهجمة الشرسة الوحشية مئات الالاف من المسلمين خارج وطنهم ، وفي سنة 1947 قُبيل استقلال بورما ، عُقد مؤتمر في مدينة (ينغ لونغ) للتحضير للاستقلال ، ودُعيت إليه جميع الفئات والعرقيات باستثناء المسلمين لإبعادهم عن سير الاحداث وتقرير مصيرهم ، ومنحت بريطانيا بورما الاستقلال سنة 1947 شريطة أن تمنح كل العرقيات الاستقلال عنها بعد 10 سنين إذا رغب في ذلك ، وهو ما يقال له : حق تقرير المصير.
ولكن البورمان نقضهوا عهودهم واستمروا في احتلال أراكان المسلمة دون رغبة من سكانها ، وقام البوذيون الماغ بممارسات بشعة ضد المسلمين ، وظل الامر على شناعته وقسوته من قهر وتشريد وإبادة وتطهير عرقي حتى كان الانقلاب الفاشي سنة 1962 فازداد الامر سوءا ، والمسلمون يتعرضون منذ الانقلاب العسكري الفاشي المدعوم من المعسكر الشيوعي الفاشي الصيني الروسي ، يتعرضون لكل أنواع الظلم والاضطهاد ، من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي ومصادرة الأراضي ، بل ومصادرة مُواطنتهم بزعم مشابهتهم للبنغاليين في الدين واللغة والشكل.
وقد بدأت المأساة الجديدة للمسلمين في بورما يوم الجمعة 19 من الشهر السابع لهذا العام الهجري سنة 1433 ، الموافق 3 من الشهر السادس لسنة 2012 من التاريخ الصليبي ، حيث قام المسلمون بالاعتراض على قتل عشرة من الدعاة المسلمين ، قتلوا بوحشية فائقة وببشاعة لا يصل إليها خيال ، حيث اجتمع على هؤلاء العشرة الدعاة قرابة 466 من الماغيين البوذيين فربطوا أيديهم وأرجلهم ، ثم انهال الجميع عليهم ضربا بالعصي حيثما وقعت ، فصرت لا ترى إلا أعينا فُقأت وجماج حُطمت ، وأمخاخا انتثرت ، وأشلاء تناثرت وألسنة سُحبت ، وقد قام الماغيون لما اعترض المسلمون على ذلك بالزحف على قرى المسلمين ومنازلهم بالسواطير والسيوف والسكاكين ، وبدأت حملة إبادة منظمة ضد المسلمين , وحُرقت القرى والديار ، وفُتك بالمسلمين والمسلمات ، وتجاوز عدد الضحايا ـ ضحايا المجازر ـ الآلاف ، وتم تهجير الالاف جماعات جماعات مما عرض الكثيرين منهم للموت والغرق ، وتم تسميم آبار المسلمين في خطة حقيرة مدبرة للتطهير العرقي ، ومن أجل الوصول إلى إبادة شاملة للمسلمين ،،،