المحتويات
إخفاء
الكتابة عمن تحب هي امتحان القدرة على تفتيش الذاكرة!
والنص الذي تحبه تسيل فيه مفرداتك في سطوره، كالعطر في ثيابك، كمقادير طعام تطهوه بحب،
كأعتنائك بهدية لحبيبتك..
تقول الفنانة الكونية فيروز في اغنية اسامينا :
(عينينا هن اساماينا ، شو خص الكلام)!
بمعنى ان الاسم لايدل على صاخبه ، قد تجد انسان شحيح واسمه كريم !
فأعيننا هي اسامينا وعناوين مانريد،
صديقي الغالي الاستاذ والقاص والروائي طاهر الزهراني، استثناء من القاعدة الفيروزية،فهو طاهر واسمه طاهر عنوان لشارع قلبه، طاهر لايعني انه ملاك،
لكنه طاهر في محبته ونبله وعفته وتواضعه وله من كل حقل سنبلة تغدو فيما بعد حقل!
طاهر الزهراني الان اسم معروف جدا في عالم الادب السعودي المعاصر واحد اشرف نماذجه الحية والحييّة..
طاهر الانسان حكاية اوجدتها عزائمه من عدم!
منذ كان مراهقآ والقراءة تحبه حتى احبها ، والقراءة جسر الكتابة لمن لديه الشغف وساقها وسقياها..
طاهر وهو في ميعة الصبا ينشر قصصه بكتب في غبش البدايات ،
نحت في الصخر بازميل عينيه فيخالط الدمع الصخر فيستحيل ترابآ تحت قدميه!
طاهر من اسرة جنوبية كريمة ، كان ابن ابيه رحمه الله، عاش في جدة ولايعرف مثيل لها، واحتفظ بلكنة الوادي في لسانه!
غامر طاهر في عمله بصبر أم حتى تبوأ مكانة يستحقها ، كان مجرد مشرف عمال مكب النفايات ومزابل البيوت ، جربت فيه الشمس عرق جبهته كانت تسيل بماء الظهائر على الارصفة التي يمشي عليها،
لتطهر له نقاء السريرة!
تزوج طاهر في قصة عشق فانتازية وواجه جبروت المجتمع وعاداته من اجل من احب!
هو لايخطو خطوة بحياته الا بحب ، عاش بين النبلاء صعلوكآ، ونبيلا بين الصعاليك حتى صار محام لهم دائم!
ضج الوسط الادبي والثقافي بروايته (قلعة جانجي)، وهي دراما انسانية تحكي عن دهاليز الارهاب والتطرف وانتشرت وحضيت بنقد واحتفاء من ابرز النقاد كالدكتور الناقد ابوبكر باقادر..
ثم كرت مسبحة عالم منشوراته، لقد شرفني طاهر ذات يوم بطلب كتابة تعبيرية لغلاف مجموعته القصصية(فقد) وهو كرمه فانا كاتب صحفي للمقال ولست ناقد او قاص تعاطف مع الفقد، مجرد قارىء مخلص للفن، وطاهر كصديق له يستأنس برأيي ويصر ان اقرأ ماينشر من اعمال ادبية، ويستمع بمحبة لمااقول، لقد تجاوزت المجاملة في علاقتي مغ طاهر التي تجاوزت العقد والنصف،
طاهر بعد زواجه حرم فترة طويلة من الذرية ورزقه الله بقمرين من الابناء، انا اعتبرهما امتداد لاعماله الادبية ، فهما باكورة ايقونة الصبر فيه ، ولم يحظى طاهر بمكانته الادبية والعملية الا بعد مشوار من تعب الحنين لسبب بسيط جدا، انه يؤمن ان الحياة مثل النص ويؤمن بالنص اكثر من العلاقة الذي تقدم النص وقس على ذلك!
طاهر تدرج من الاخر الى القمة في عمله من مكب النفايات الى مسؤول بالمكتب التنفيذي لامين محافظة جدة،
طاهر في خلواته يختلس الوقت مع عشيقته الشيشة برفقة كتاب حتى يمس الخدر عينيه فترى بريق دمع شخصيات رواياته في عينيه!
طاهر ، طاهر في علاقاته مع الناس رجال كانوا او نساء، يحب عمله ومنزله واسرته وهواء جدة،
وعاشق للجنوب وديرة ابيه تهامة زهران القبيلة العريقة التي ينحدر منها نسبه الكريم، والتي نسج عن جنوبيته تحفته الروائية (نحو الجنوب) ذلك العمل الذي لو كان لدينا دراما تعنى بالارض والانسان لماكان هناك مادة اطرى من رواية طاهر نحو الجنوب ، فهي نحو كل قلب جنوبي احد جهات الوطن والدم!
طاهر لبق ودمث وكريم الكف والقلب ، ينأى بنفسه عن الغيبة والنميمة والاذى القيم التي تفشت بالوسط الثقافي للاسف، وعدو للتزلف ، متمكن في المحبة بلا ادوات، نسبة الطفل في شخصيته طاغية!
طاهر متدين بلاجفاف، منفتح بلا اسفاف ومابينهما صادق الدمع والضحك وسادن في التأمل!
قبل ايام انتهيت من قراءة اخر رواية له ( عالم منصور)وهو جزء من عالمه الشخصي ، الحارة الجداوية وفذلكات شخوص الحارة وحرارة اجواءها، التي تتعلق بجدران الذاكرة، حنين الصبا وشذرات الرجولة!
طاهر مؤدلج بالمودة وينتصر دومآ للبديهيات في الانسانينة والذوق الرفيع!
ولأن الزين مايكمل المزعج في طاهر انه اتحادي الهوى وكاتب هذه السطور اهلاوي الهوية، لكنه منتصر بعبقرية صداقته مثلما ان الاهلي بعبقرية لونه الاخضر يهزم الاتحاد!
وانا في اتحاد مع طاهر الاخضر الى ان القى الله بحسنات فضل وصاله ،
……….
يقول ابا الطيب المتنبي في طاهر وامثاله:
وحالات الزمان عليك شتى:
وحالك واحدُ،، في كل حال!!
زر الذهاب إلى الأعلى