من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي؟ وأين نشأ؟ وما هو المجال الذي برع فيه الفراهيدي حتّى سطر التّاريخ اسمه بحروفٍ من ذهب؟ أسئلةٌ كثيرة جدا تجري حول هذه الشّخصية الفذة، سنجيب عنها في هذا المقال.
من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي
الخليل بن أحمد الفراهيدي هو إمامٌ في اللغة والأدب، وهو أول من وضع معجم العين العربي، وإليه يرجع الفضل في تأسيس علم العروض، ويلقب بأبي عبد الرحمن الفَرَاهِيديّ، وهناك من يقول عنه الفُرْهودِي الأزدي، وقد جاء لقب الفراهيدي من اسم فراهيد وهي أحد بطون أزد، ومعنى اسم الفرهود بلغة أزد ولد الأسد وقيل في معناها أيضًا بأنّها صغار الغنم، وقد تحدث أبو بكر بن أبي خيثمة عن والد الفراهيدي بأنّه: “أول من سُمِّي في الإسلام أحمد بعد رسول الله”.
تابع أيضًا:
السيرة الذاتية للخليل بن أحمد الفراهيدي
ولد الخليل بن أحمد الفراهيدي في عام 718 للميلاد، وكان هذا في مدينة عمان، وانتقل فيما بعد لـ البصرة ليعيش فيها، وقد أخذ العلم من أهل هذه البلد، ودرس على يد الكثيرين من شيوخها، وكان من بين أهل العلم الذين أخذ منهم أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمرو الثقفي، كان ذا علمٍ واسعٍ، وعلم العروض هو أحدها.
وقد عاش الخليل بن أحمد الفراهيدي في البصرة بطريقةٍ بسيطةٍ وفي زهد كبير، حتّى إنّ بيته كان من القصب، فكان لا يملك من المال إلا ما يسدّ به رمقه، في وقت كان تلامذته يجنون المال الكثير من علومه، هذا ما نقله عنه النضر بن شميل وهو أحد تلامذته، وقد كان الفراهيدي أحد علماء المدرسة البصرية، وله الفضل في وضع الحركات التي نستخدمها في وقتنا الحالي والتي تشبه ما وضعه لـ حدّ كبير.
وقد وهبه الله -سبحانه وتعالى- الذكاء والفطنة، فقد كان مضرب مثل للعلم في عصره، وجمع لـ جوار ذلك كما أشرنا التّقوى والزهد بالإضافة للهمّة العالية في طلب العلم، وقد فتح الله -تعالى- عليه بمعرفته بالنظم والإيقاع فنظر في شعر العرب وإيقاعاته، وكان يملك حسًّا مرهفًا ساعده على استنباط علم العروض ووضع قواعده من أوزان الشعر وبحورها وقوافيها.
تابع أيضًا:
شيوخ الخليل بن أحمد
لقد درس الخليل بن أحمد الفراهيدي على يد الكثير من شيوخ اللغة العربية وكبار أهل العلم، ومن بينهم الأسماء الآتية:
- أيوب السختياني البصري: وقد أخذ الخليل بن أحمد الفراهيدي عنه فقه اللغة العربية.
- عاصم الأحول: وهو عاصم الأحول بن النضر وهو شيخٌ بصريٌّ.
- العوام بن حوشب.
- غالب بن خطاف القطان البصري.
- أبو عمرو بن العلاء.
- عثمان بن حاضر الأزدي.
تابع أيضًا:
تلامذة الفراهيدي
لقد تتلمذ على يدي الفراهيدي الكثير من التّلاميذ، واشتُهر تلامذته وأتباعه بالفطنة والذّكاء، ومن الأشخاص الذين تتلمذوا على يديه:
- سيبويه: وهو نحويٌّ بصريٌّ، وكان مشهورٌ بحُجَّته في اللغة العربية، وكان هذا التّلميذ هو أحد أكبر سبب اسباب شهرة الفراهيدي؛ وذلك عقب أن ألّف مؤلفه الذي شُهر باسم الكتاب، حتّى إنّه قيل فيه، عندما يقول سيبويه في كتابه “وسألته” من غير أن يذكر قائله، فيعني بذلك شيخه الخليل بن أحمد الفراهيدي.
- الأصمعي: وهو الأديب المشهور واسمه عبد الملك بن قريب.
- النضر بن شميل: ولقد أشاد هذا التّلميذ بأخلاق شيخه الفراهيدي، فقال فيه: “ما رأيت أحدًا يُطلب إليه ما عنده أشد تواضعًا منه”.
- حماد بن يزيد: وهو أحد تلامذة الفراهيدي المشهورين.
- أيوب بن المتوكل: وهو تلميذ الفراهيدي البصري القارئ.
- بَدَل بن المحبَّر وداود بن المحبر.
- علي بن نصر الجهضمي الكبير.
- عون بن عمارة.
- المُؤَرِّج بن عمرو السدوسي.
- موسى بن أيوب.
- هارون بن موسى: ولقد كان عالمًا بالنحو وقد لُقب بالأعور.
- وهب بن جرير بن حازم.
- يزيد بن مرة الذَّارع.
- الليث بن المظفر.
تابع أيضًا:
ملامح شخصية الفراهيدي
حيث كان الفراهيدي ذا علمٍ واسعٍ، بالإضافة لـ شدة تواضعه وزهده وعفافه، ولقد كان يكثر من العبادة لربّه حتَّى عُدّ من المتقشفين، ولقد كان أبعد النَّاس عن التّكسب بعلمه، فلم يكن وضح العلم صنعةً له أو تجارة ولو أنّه أراد ذلك لكان من أغنى أهل عصره، وفي تتمة الحديث عن من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، وما هي ملامحه وأخلاقه الحميدة التي اشتهر بها الكثير سنوجز بعضها فيما يأتي:
الزُّهد والتّقشف
حيث كان الفراهيدي مقللًا من متاع الدنيا ويتّصف فيها بالتقشف والتّعبد، ولقد كان صبورًا على خشونة الحياة وضيق العيش، ومن الأقوال المأثورة عنه ما كان يردده: “إني لأغلق عليَّ بابي فما يجاوزه همي”، وأكثر ما يدلُّ زهده وتقشفه في الحياة ما حدّث عنه تلميذه النضر بن شميل عندما وصفه قائلًا: “أقام الخليل في خُصٍّ من أخصاص، لا يقدرُ على فلْسَيْنِ، وأصحابه يكسبون بعلمه الأموال”، وقد روي له أبياتًا في يقول فيها:
وقبلك داوى الطبيبُ المريضَ
فعاش المريض ومات الطبيـب
فكن مستعدًّا لـداء الفنـا
فإن الـذي هـو آتٍ قريـب
بالإضافة لـ أنّه من الأمور التي كانت تشكل حياته الزّاهدة بعض الأبيات للأخطل، والتي كان دائم التّرداد لها، وهو:
وإذا افتقرت لـ الذَّخائر لم تجدْ
ذُخْرًا يكون كصالح الأعمال.
التّوكل على الله وعدم محاباة أهل السّلطة
لقد روي عن الفراهيدي أن والي البصرة سليمان بن عليٍّ وجَّه إليه كتابًا يطلب فيه حضوره إليه؛ من أجل تأديب وتعليم أولاده لقاء راتب يعطيه إياه، فما كان من الخليل إلّا أن أخرج خبزًا يابسًا لرسول والي البصرة، قائلًا له: “ما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي في سليمان” فقال الرسول: فماذا أبلغه عنك؟” فأنشأ يقول:
أبلغ سليمان أني عنـه في سعـةٍ
وفي غِنًى غير أني لسـت ذا مـالِ
سخَّى بنفسيَ أني لا أرى أحـدًا
يموت هزلاً ولا يبقي على حـالِ
والفقر في النفس لا في المال نعرفه
ومثل ذاك الغنى في النفس لا المـالِ
فالرزق عن قَدَرٍ لا العجز ينقصـه
ولا يزيـدك فيه حَـْولُ محتـال
فلما بلغ سليمان هذا الكلام غضب غضبًا شديدًا وقطع عنه المال الذي كان يعطيه، فأنشد الفراهيدي قائلًا:
إن الذي شقَّ فمي ضامن
للـرزق حتى يتوفـاني
حرمتني خيرًا قليلاً فما
زادك في مالك حرمـاني
وعندما بلغ والي البصرة سليمان هذا الفعل من الفراهيدي، هزّه كثيرًا هذا التّصرف فكتب لـ الخليل يعتذر إليه بشأن تصرفه، وأعاد له راتبه مضاعفًا، فقال الخليل عن فعله:
وزَلَّة يكثر الشيطان إن ذكرت
منها التعـجب جاءت من سليمـانا
لا تعجبَنَّ لخيرٍ زلَّ عن يـده
فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا.
تواضع الفراهيدي
بالإضافة للزهد والورع الذان كان يتّصف بهما الخليل، وسعيه من أجل كسب واستقائه، فقد كان رجلاً متواضعًا وظريفًا معروفًا بحسن خلقه، ومما ذُكر من حسن خلقه أنه جاء إليه رجلٌ يطلب العلم منه في علم العروض، إلّا أنّ هذا الرّجل كان بعيد الفهم لا يحسن هذا العلم، فبقي مدةً عند الفراهيدي ولم يحفظ أو يعلق في ذهنه شيء منه، فقال له الخليل: كيف تقطِّع هذا البيت؟
إذا لم تستطع شيئًا فدعـه
وجاوزه لـ ما تستطيـع.
تحدث الخليل: “فشرع معي في تقطيعه على قدر معرفته، ثم إنه نهض من عندي فلم يعُدْ إليَّ، وكأنه فهم ما أشرت إليه”، وهنا يُلاحظ أدب الخليل مع من يطلب منه علمًا أو غيره بالإضافة لحسن خُلُقه مع تلاميذه، ولقد روى أيوب بن المتوكل عن تواضع الفراهيدي مقولته الآتية: “وكان الخليل إذا صرح إنسانًا شيئًا لم يُرِه أنه أفاده، وإن استفاد من أحدٍ شيئًا أراه بأنه استفاد منه”.
الفراهيدي وتأسيس علم العروض
من الأمور الثّابتة في التّاريخ أن الخليل بن أحمد الفراهيدي هو واضع علم العروض، وقد طرأت هذه الفكرة ببالهِ، عندما كان يسير بسوق تصنع فيه الآدوات وغيرها، فكان يسير ليستمع للأصوات التي تصدر عن طرق هذه الأواني، وكان يُلاحظ أنّ هذه الدقدقات لمطارقهم كانت تصدر على شكلٍ رتيب ونغم مميز، ومن هُنا استحضرته فكرة علم العروض والتي كان عليها اعتماده بشكل كاملٍ في الشعر العربي.
ووما روي عن الفراهيدي أنّه كان يذهب لـ بيته فيقترب من بئر فيتدلى إليه ويبدأ بإصدار الأصوات ولكن بنغمات متعددة ومتفاوتة؛ وذلك ليستطيع تحديد وتمييز النغم المناسب لكل قصيدة ومكان، وقد عكف على دراسة العرب وقراءته بتمعن، كما أنّه درس أصول الإيقاع والنُظُم ليستطيع ترتيب أشعار العرب على نسق موحد، ومن ثم قام بعد ذلك بترتيب هذه الأشعار كلّ منها على حسب نغمها وجمع كل مجموعة من الأشعار المتشابهة مع بعضها.
وبهذه الطّريقة تمكن من أن يضبط أوزان خمسة عشر بحرًا خاصًا بالشّعر، ويقوم عليها نظم الشّعر لـ الآن، ومن هذه الأبحر ما يأتي:
- الأبحر الممتزجة: وهي البحر الطويل والبحر المديد بالإضافة للبحر السهل.
- الأبحر السُّباعيّة: ومن هذه الأبحر البحر الوافر والبحر الكامل وبحر الهزج وبحر الرجز وبحر الرمل والبحر السريع والبحر المنسرح والخفيف والبحر المضارع بالإضافة لـ البحر المقتضب، وقد سميت بالأبحر السباعية؛ وذلك لأنها مركبة من أجزاء سباعية عندما وضعت.
- البحرين الخماسيين: وهما البحر المتقارب والبحر المتدارك، ولكن يجب التّنويه هنا لـ أنّ واضع البحر المتدارك المحدث هو الأخفش الأوسط.
كتاب العين للفراهيدي
بعد أن ذكرنا من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، يجب الإشارة لـ أنّ أول معجم ألفه الخليل بن أحمد الفراهيدي في اللغة العربية هو معجم العين، وقد سمّاه بالعين لأنّه ابتدأ بحرف العين في معجمه، وقد اتّبع في تأليفه عدّة أمور ميّزته عن غيره ستُذكر فيما يأتي:
- ترتيب الأحرف حسب المخرج: مما لوحظ في معجم العين أنّ الخليل قد رتّب الحروف العربية استنادًا على مخارجها من الحلق فقد جاء في مقدمة كتابه العين أنّ ترتيب يبدأ بحرف العين وانتهاءًا بالهمزة وسندرج الأحرف فيما يأتي كما جاءت في كتابه، وهي: ع، ح،هـ، خ، غ، ق، ك، ج، ش، ض، ص، س، ز، ط، د، ت، ظ، ث، ذ، ر، ل، ن، ف، ب، م، و، ا، ي، همزة.
- سبب ابتدائه بالعين: وهنا يبدو أنّ الخليل قد عدَّ مخرج حرف العين من أقصى الحروف مخرجًا، ولكن سيبويه يذكر أن أقصى الحروف مخرجًا هو الهمزة، وفي هذا برر ابن كيسان تصرف الخليل بأنّه سمع من تحدّث عن الخليل أنه تحدث: “لم أبدأ بالهمزة لأنها يلحقها النقص والتغيير والحذف، ولا بالألف لأنها لا تكون في ابتداء الكلام ولا في اسم ولا فعل إلا زائدة أو مُبْدَلَةً، ولا بالهاء لأنها مهموسة خفيَّة لا صوت لها، فنزلتُ لـ الحيز الثاني وفيه العين والحاء فوجدتُ العين أنصع الحرفين؛ فابتدأت به ليكون افضلَ في التأليف”.
- تبسيط المعجم: فقد كان يرمي لـ تبسيط الكلام في معجم العين، ومن أجل ذلك قد ذكر أنّه قسّم التسعة وعشرين حرفًا في المعجم لـ قسمين اثنين، جعل منها خمسة وعشرين حرفًا صحاحًا وأربعة أحرف هوائية.
- بناء الكلمة: حيث كان الخليل أول من وضع كلام العرب في صورة معجمية، من أجل ذلك كان عليه أن يجمع الكلمات بعد أن صنف طريقة ترتيبها، وفي هذا كان اعتماده على ما ذكره الصّرفيون قبله من حصر أبنية الكلمة، وجعلهم إياها ثنائية وثلاثية ورباعية وأخيرًا الخماسية.
تجربة الفراهيدي في كتابة الشعر
حيث كان الفراهيدي يمثل العبقرية في أسمى معانيها، وإن الحديث عنه ليثيرُ في النفس مشاعر الرغبة في الإبداع، ومما برع فيه هو قول الشّعر وصياغته ومن أشعار الفراهيدي ما قاله في مدح ما يأتي:
اللَهُ رَبّـــي وَالنَـــبِــيُّ مُــحَــمَّدٌ
حَـيِّيـا الرِسـالَةَ بَـينَ الأَسبابِ
ثُــمَّ الوَصِـيُّ وَصِـيُّ أَحـمَـدَ بَـعـدَهُ
كَهــفُ العُـلومِ بِـحِـكـمَـةٍ وَصَـوابِ
فـاقَ النَـظيرَ وَلا نَظيرَ لِقَدرِهِ
وَعَــلا عَـنِ الخِـلانِ وَالأَصـحـابِ
بِـمَـنـاقِـبٍ وَمَـآثِـرٍ مـا مِـثـلُهـا
فــي العـالَمـيـنَ لِعـابِـدٍ تَـوّوالدِ
وَبَـنـوهُ أَبناءُ النَبِيَّ المُرتَضى
أَكـرِم بِهِـم مِـن شـيـخَـةٍ وَشَـبـابِ.
ومن الشّعر الذي ورد عن الخليل بن أحمد الفراهيدي قصيدة ترفعت عن ندى الأعماق وانخفضت، والتي يقول فيها:
تَرَفَّعَت عَن نَدى الأَعماقِ وَاِنخَفَضَت
عَـنِ المَـعـاطِـشِ وَاِستَغنَت بِسُقياها
فَاِعتَمَّ بِالطَلحِ وَالزَيتونِ أَسفَلَها
وَمـادَ بِـالنَـخـلِ وَالرُمّانِ أَعلاها
وَصــارَ يَــحـسُـدُهُ مَـن كـانَ يَـعـذِلُهُ
وَلائِمٌ لامَ فـيـهـا قَـد تَـمَـنّـاهـا
أَبـا مُـعـاوِيَـةَ اِشكُر فَضلَ واهِبِها
وَكُـلَّمـا جِـئتَهـا فَـاِعـمُـر مُـصلّاها.
وقد برع الفراهيدي في شعر العفو والصفح، فقد تحدث في إحدى قصائده عن عفو نفسه وصفحها:
سَـأُلزِمُ نَـفـسـي الصَفحَ عَن كُلِّ مُذنِبٍ
وَإِن كَــثُــرَت مِــنــهُ عَـلَيَّ الجَـرائِمُ
وَمـا النـاسُ إِلّا واحِـدٌ مِـن ثَلاثَةٍ
شَــريــفٌ وَمَــشــروفٌ وَمَــثَــلٌ مُـقـاوِمُ
فَـأَمّـا الَّذي فَـوقـي فَـأَعـرِفُ فَـضـلَهُ
وَأُتــبِــعُ فـيـهِ الحَـقَّ وَالحَـقُّ لازِمُ
وَأَمّـا الَّذي مِـثلي فَإِن زَلَّ أَو هَفا
تَـفَـضَّلـتُ إِنَّ الفَـضـلَ بِـالعِـزِّ حـاكِمُ
وَأَمّا الَّذي دوني فَإِن تحدثَ صُنتُ عَن
إِجـــابَـــتَهِ عَــرضــي وَإِن لامَ لائِمُ.
آراء النقاد في الفراهيدي
لقد ظهرت هناك بعض الآراء النّاقدة للخليل بن أحمد الفراهيدي، وخاصّة فيما يخص علم العروض الذي أنشأه، ومن هذه الآراء النّاقدة ما يأتي:
- رأي طه حسين عميد الأدب العربي: ولقد تحدث فيه طه حسين بإحدى الرّسائل الموجهة من قبله: “لن تستطيعي أن تقولي إنَّ العَـروض العربيَّ فنٌّ حديث أو ثقافة حديثة عبرت إلينا البحر؛ إنَّما هو فنٌّ عربيٌّ خالص سابق. ومع ذلك فالمثـقَّـفون منَّا يجهلونه، وأدباؤنا يجهلونه، وشعراؤنا يجهلونه، لا أكاد أستثني منهم إلَّا نفرًا يُحصَون. وإنَّك لتنظرين في دواوين الشعر فيؤذيك ما تَــرَين من جهل كثير منهم أصولَ العَـروض وقواعدَ القافية، واندفاعِهم لـ خلطٍ في ذلك يؤذي السمع والذوق معًا”.
- رأي الدكتور إبراهيم أنيس: ولقد وضّح رأيه وتبرُّمه من علم العروض وبأنّه علم معقد فقال: “وقد ظلَّ الناس يتدارسون قواعد الخليل ويتفهَّمونها حتَّى أيَّامنا هذه، لم يزد واحدٌ عليها حرفًا، ولستُ أدري عِلمًا من علوم العربـيَّـة قد اشتمل على عدد غريب من المصطلحات مثل ما اشتمل عليه العَروض على قلَّة أوزانه وتحدُّدها؛ فقد استخدم تلاميذ الخليل ألفاظا كثيرة جدا قليلة الشيوع وأسبغوا عليها معنى اصطلاحـيًّا يحتاج دائما لـ شرح وتبيان”.
- الدكتور زكي عبد الملك مع مجموعة من أساتذة الجامعة: فقد عمدوا لـ دراسة علم العروض ليتوصلوا لقاعدة أسهل وأعم من قاعدة الفراهيدي، ولكنهم في الوقت نفسه قد أشادوا بأنّه ما كانت أبحاثهم ستؤتي أكلها لو لم يكن علم العروض قائمًا.
آراء العلماء في الخليل بن أحمد الفراهيدي
لقد أشاد الكثير من العلماء بذكاء وفطنة الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقد سطُّروا بحروفهم جملًا نقلها إلينا ليظهر عظمة هذه القامة الإسلاميّة، ومن هذه الأقوال ما يأتي:
- حمزة بن الحسن الأصبهاني: وقد تحدث فيه: “وبعد، فإن دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم تكن لها أصول عند علماء العرب من الخليل، وليس على ذلك برهان توضيح من علم العروض الذي لا عن حكيمٍ أخذه، ولا على مثال تقدَّمه احتذاه، وإنما اخترعه من ممرّ له بالصَّفَّارين من وقع مطرقة على طست، ليس فيهما حجة ولا بيان يؤديان لـ غير حليتهما أو يفيدان عين جوهرهما، فلو كانت أيامه قديمة، ورسومه بعيدة لشكَّ فيه بعض الأمم؛ لصنعته ما لم يضعه أحد منذ خلق الله الدنيا من اختراعه العلم الذي قدمت ذكره، ومن تأسيسه بناء كتاب (العين) الذي يحصر فيه لغة كل أمة من الأمم قاطبة، ثم من إمداده سيبويه في علم النحو بما صنَّف كتابه الذي هو زينة لدولة الإسلام”.
- سفيان بن عيينة: وقد تحدث فيه: “من أحبَّ أن ينظرَ لـ رجلٍ خُلِق من الذهب والمسك، فلينظر لـ الخليل بن أحمد”.
- النّضل بن شميل: وقد تحدث فيه: “كنا نُمَيِّل بين ابن عونٍ والخليل بن أحمد أيهما نقدِّم في الزهد والعبادة، فلا ندري أيهما نقدِّم؟!” وكان يقول: “ما رأيت رجلاً أدري بالسُّنَّة بعد ابن عونٍ من الخليل بن أحمد”.
مؤلفات الفراهيدي
بزغ نجم الفراهيدي بتأليف الكتب وجمع العلوم بين دفتي كتاب، وسنذكر بعضًا من المؤلفات التي تركها الفراهيدي فيما يأتي:
- كتاب العين.
- كتاب العروض.
- كتاب الشواهد.
- كتاب النقط والشكل.
- كتاب النغم.
- كتاب في معنى الحروف.
- كتاب في العوامل.
وفاة الفراهيدي
توفي الخليل بن أحمد الفراهيدي -رحمه الله تعالى- في مدينة البصرة التي نهل فيها العلم وألّف المؤلفات العظيمة، وكان ذلك في عام 174 للهجرة، خلال خلافة هارون الرشيد، وقد اختلفت الأقوال في طريقة موته، فقال الإمام الذّهبي في كتاب تاريخ الإسلام بسبب موته “كان سبب موت الخليل أنه تحدث: أريد أن أعمل نوعًا من الحساب تمضي به الجارية لـ الفامي، فلا يمكنه أن يَظلِمَها، فدخل المسجد وهو يُعمل فكرَه، فصدمته ساريةٌ وهو غافل فانصرع، فمات من ذلك”، في وقت أنّ هناك من تحدث أنّه كان يقطع بحرًا من الشّعر فاصطدم بالسّارية ومات.
وفي انتهاء مقال من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، تبيّن أنّه عالم فذٌّ، قد أكثر من المؤلفات واشتهر بخلقه الحسن، كما أنّه واضع علم العروض، وقد تطرقنا لـ بعض آراء العلماء والنُّقاد فيه.
المراجع
islamstory.com , , 29-05-2021
marefa.org , , 29-05-2021
shamela.ws , , 29-05-2021
diwany.org , , 29-05-2021
ar.wikiquote.org , , 29-05-2021
alukah.ne , , 29-05-2021