المحتويات
إخفاء
حكم القضاء والقدر تسعدنا زيارتكم، نوفر لكم حكم القضاء والقدر كما عودناكم دوما على احسن الاجابات والحلول والأخبار الحصرية في موقعنا ، يشرفنا ان نستعرض لكم حكم القضاء والقدر
حكم القضاء والقدر
لكل مقام مقال، فلتحرير النزاع ولرد الشبه مقال غير مقال التذكير بأمر مقرر، واعتقاد محرر، وقد كان ما ذكر في ص723 ج10 م11 من المنار من القسم الأخير. ونحن اتباعًا لهداية القرآن نكرر المسائل المهمة لا سيما في التفسير، فنذكرها تارة بالإيجاز وتارة بالإطناب، وما أشرتم إليه هو قول الأستاذ الإمام، والغرض منه التذكير بأن الإنسان ليس مستقلًا في عمله تمام الاستقلال لجهله وعجزه، والنظريات التي ذكرتموها لا تنقض شيئًا من قوله، بل تؤيده، وحكم القضايا الممكنة غير حكم القضايا المطلقة، كما هو مقرر في المنطق.
«هذه المسألة من توابع البحث في العلم والإرادة وهي الفتنة التي ابتليت بها الأمم، فوقعوا في بحار الحيرة، تدافعهم أمواج الشكوك، ويتلقاهم آذيّ الشبهات (أي موجها) حتى غرق فيها أكثر الخائضين ونجا الأقلون. ومن عجيب أمرها أن العامة أعلم بها من الخاصة، وأن الأميين أقرب إلى اليقين بها من الكاتبين، وإن شئت فقل إن الجهل بحقيقتها، تابع لسعة العلم بمبحثها، فكلما زاد الإنسان نظرًا فيها، زاد عماية عنها، لأن الخفاء، كما يكون من شدة البعد، يكون من شدة القرب، إلخ. ما قلناه تمهيدًا للقول: «بأن المسألة في نفسها بديهية عوملت معاملة النظريات، والبديهي كلما زاد البحث فيه بَعُد عن الإدراك» إلخ.
وللأستاذ الإمام مقالة طويلة في إبطال هذا الزعم، وبيان أن هذه العقيدة من أسباب التقدم والارتقاء، تطلب من المنار[4] ومن الجزء الثاني من تاريخه[5]. إن الناس يأخذون من دينهم في كل عصر من الأعصار ما يناسب حالتهم الاجتماعية حتى إن العقيدة الواحدة تكون في الأمة الواحدة مصدرًا لآثار متناقضة في زمنين مختلفين، كعقيدة القدر كانت في زمن من الأزمان مصدر الشجاعة والإقدام والفتح والعمران والكسب للمسلمين، وفي زمن آخر مصدر الجبن والكسل والتواني والتواكل والإهمال.
وأكثر الذين يتكلمون في ضعف المسلمين وأسبابه غافلون عن هذه القاعدة وجاهلون حقيقة الدين، فهم يجعلون المسلمين حجة على دينهم والدين حجة عليهم، بدليل أثره في سلفهم أيام كانوا بدينهم سادات العالم في كل علم وكل عمل، ومن البديهي أن الناس يتمسكون بالدين في أول ظهوره أشد مما يتمسكون به بعد أن يطول عليهم الأمد، وتكون معرفتهم بحقيقته في أول العهد به أصح وأقوى منها بعد ذلك. إن السائل أو المنتقد لم يطّلع فيما يظهر لنا على ما كتبناه في هذه المسألة بقصد إيضاحها في السنين الأولى للمنار، وإننا وإن أطلنا القول فيها من قبل نذكر فيها الآن جملًا وجيزة، يتجلى بها الحق لمن يطلب الحق بذاته لذاته بعد الإعراض عن النظريات الفلسفية المشهورة في المسألة، وهاك ما نريد بيانه الآن:
1- القضاء كان السلف يسمي هذه المسألة (مسألة القدر) ثم صار الناس يقولون مسألة القضاء والقدر. وقد ورد لفظ القضاء ولفظ القدر في الكتاب العزيز بمعان مختلفة لأنهما من الألفاظ المشتركة في اللغة العربية. ورد القضاء بمعنى الفصل والحكم في الشيء قولًا أو فعلًا، وبمعنى الإعلام به، وبمعنى إتمام الشيء وإنهائه، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23] أي حكم بذلك قولًا في الكتاب المنزل على رسوله. وقال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [يونس: 93] أي يحكم ويفصل بالفعل، وقال: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء: 4]، إلخ. وقال: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ[٦٦]﴾ [الحجر: 66] وكلاهما بمعنى الإعلام بذلك والإخبار بوقوعه، وقال: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: 12] أي أتم خلقهن. وقال: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ﴾ [القصص: 29] أي أتمه. وأكثر ما ورد من هذا اللفظ قد جاء بهذا المعنى. ولم يرد في القرآن لفظ في القضاء يظهر فيه معنى المشيئة، ويكون أصلًا فيما نحن فيه إلا قوله: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[١١٧]﴾ [البقرة: 117]، ﴿قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[٤٧]﴾ [آل عمران: 47]، ومثله في [19]: 36] و[40]: 68] فالآية الأولى في مقام خلق السموات والأرض، والثانية والثالثة في مقام عيسى عليه السلام، والرابعة في مقام ذكر الإحياء والإماتة. وقد ورد هذا المعنى نفسه بلفظ الإرادة، قال تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ[٨١] إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[٨٢]﴾ [يس: 81 – 82] والمعنى في التعبيرين واحد، وهو مما لم تختلف فيه الأديان، فاليهود الذين سأل سائلهم المسلمين مستشكلًا معنى القضاء بتلك الأبيات التي أولها: أيا علماء الدين ذِميُّ دينكم…تحير ردوه بأوضح حجة إذا ما قضـى ربي بكفري بزعمكم…ولم يرضه مني فما وجه حيلتي يقولون بذلك وقد أجبنا عن سؤاله في (ص512 م3) وأجاب قبلنا غير واحد، منهم ابن تيمية، الذي أورد السائل بعض أبياته. وكذا النصارى الذين منهم الأوربيون، لا ينكرون كون الله تعالى إذا قضى أمرًا وأراده ينفذه بقدرته حالًا كما هو مفهوم العبارة (ويراجع تفسيرها في المنار وفي ص319 من ج3 تفسير) لأنه لو عجز عن إيجاد ما يريد لم يكن إلهًا، والإشكال في مسألة القضاء الإلهي فرع الإيمان بوجود الله، إذ لا معنى للبحث في الفرع مع إنكار الأصل.
2- القدر: القدر (بفتح الدال وسكونها) والمقدار والتقدير ألفاظ وردت في القرآن بمعنى جعل الشيء بقياس مخصوص أو وزن محدود أو وجه معين يجري على سنة معلومة، فهي داخلة في معنى النظام والترتيب، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ [المؤمنون: 18] أي بمقدار معين، له نظام يتعلق بتشبع الجو بالبخار ودرجة برودة الهواء، كما قال: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: 17] أي بمقدار ما يسعه كل واد من الماء. وقال بعد أن ذكر بروج السماء وكواكبها، والأرض ورواسيها وإنباته فيها ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾، وما فيها من أسباب المعايش: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ[٢١]﴾ [الحجر: 21]، وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[٤٩]﴾ [القمر: 49] فهذا القدر العام بمعنى ذلك القدر الخاص أيضًا، وقال في العموم بعد ذكر أمور خاصة: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ[٨]﴾ [الرعد: 8] أي إن لكل شيء من مخلوقاته سننًا ونواميس ومقادير منتظمة كسننه في حمل الإناث وعقمها وزيادة علوق الأرحام ونقصها. ومن ألفاظ التقدير في مقام التخصيص قوله عز وجل: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ[٣٩]﴾ [يس: 39] وقال في ذلك: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [يونس: 5] وقال في خلق الإنسان: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ[١٨] مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ[١٩]﴾ [عبس: 18 – 19] وبيَّن هذا التقرير بالانتقال من طور إلى طور في أول سورة المؤمنين. وقال في الزمن: ﴿وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [المزمل: 20] وقال في سرد الدروع وصنعها خطابًا لداود عليه السلام ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبأ: 11] والتقدير في نسج الدرع وسردها هو جعل حلقها متساوية ونظامها واحد. وقال في الطرق وترتيب السَّيْر بين قُرَاها في قصة سبأ ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ[١٨]﴾ [سبأ: 18] وقال في التعميم: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: 2]. فعلم من هذه الشواهد كلها أن عقيدة القدر والمقدار والتقدير في كتاب الله الذي هو أصل الإسلام وأساسه، هي التي تعلم المؤمنين بهذا الكتاب أن لهذا الكون نظامًا محكمًا وسننًا مطردة ارتبطت فيها الأسباب بالمسببات، وأنه ليس في خلق الرحمن خلل ولا تفاوت، ولا فيه قذفات مصادفات، ولا خلل استبداد، وأنه لا استئناف في الإيجاد والإمداد، ومن فائدة هذا الاعتقاد أن أهله يكونون أجدر الناس بالبحث في نظام الكائنات، وتعرف سنن الله في المخلوقات، وطلب الأشياء من أسبابها، والجري إليها في سننها، ولا نعلم أن هذا البيان كان مفصلًا في الديانات السابقة، ولكني أقول أنه لا يقول عاقل شم رائحة العلم أو ذاق طعمه إن هذا الاعتقاد هو سبب تأخر المسلمين، كيف وإنه لهو الجدير بترقيتهم، وإن أكثرهم أمسوا جاهلين لهذه الحقائق لأنهم لا يأخذون دينهم من القرآن، وإنما يأخذونه من كتب بعض الأموات.
اذا لم تجد اي اجابة كاملة حول حكم القضاء والقدر فاننا ننصحك بإستخدام محرك البحث في موقعنا مصر النهاردة وبالتأكيد ستجد اجابة وافية ولا تنس ان تنظر ايضا للمواضيع الأخرى اسفل هذا الموضوع وستجد ما يفيدك
شاكرين لكم حسن زيارتكم في موقعكم الموقر مصر النهاردة