محمد الخضير .. كاتب وروائي عراقي له مكانة مرموقة لدى كثير من الناس له العديد من الأعمال التي جلبت له المجد والمعرفة عند الناس ، فأصبح البحث الدائم لدى الناس حيث يبحثون عن معلومات واخبار تخصه وعن رواياته واعماله ، فمن هو محمد خضير ؟ هنا في مصر النهاردة نعرض لحضراتكم السيرة الذاتية ونبذة كاملة ومفصلة عن محمد الخضير وهو كاتب قصة قصيرة عراقي من الطراز الأول. بقليل من النصوص استطاع لا أن يفرض اسمه كقاص فحسب، إنما أن يشكل ظاهرة في القصة العربية ويحدث اختراقاَ نوعياَ مازال يتواصل مع نتاجه الكثيف والمميز.
من هو محمد خضير ؟
محمد خضير هو قاصّ وروائي عربي عراقي ولد في البصرة عام 1942 ، وفيها عاش وأصرّ على البقاء، حتى في فترات القصف اليومي الذي تعرضت له المدينة خلال الحرب العراقية – الإيرانية، ورغم الهجرة شبه الجماعية لسكانها أثناء تلك الحرب ، درس المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية في البصرة ودخل دار المعلمين وتخرج منها عام 1961 ومارس التعليم في محافظة البصرة والناصرية والديوانية مدة تزيد على الثلاثين عاما. ظهرت أولى قصصه في مجلة (الاديب العراقي) عام 1962, ترجمت قصصه إلى اللغات العالمية منها الإنكليزية والروسية والفرنسية ونالت الجوائز عليها كجائزة سلطان العويس في الإمارات العربية المتحدة عام 2004, وجائزة القلم الذهبي من اتحاد الادباء والكتاب العراقية عام 2008, اشتهر على صعيد العالم العربي بعد نشره قصتي (الأرجوحة) و(تقاسيم على وتر ربابة) في مجلة الآداب البيروتية.
ينتمي خضير إلى جيل الستينات الأدبي في العراق. وقد عرفه القراء من مواطنيه حين نشرت أولى قصصه: (النيساني) في مجلة (الأدب العراقي) قبل أكثر من ثلاثين عاما. ثم لفت اسمه أنظار القراء والنقاد العرب بعد نشر قصته (الأرجوحة) في مجلة (الآداب) البيروتية، التي ثنّت بنشر قصته (تقاسيم على وتر الربابة) عام 1968.
صدرت المجموعة القصصية الأولى لمحمد خضير: (المملكة السوداء) عام 1972، وعُدّت عملاً تجديدياً ومغايراً، يشير إلى (عالم متشابك معقد ومركب وبسيط في آن، ومتجذر ووهمي، وواقعي وسحري، محبط ومتفائل، تلعب فيه اللغة والذاكرة والمخيلة والتاريخ والأسطورة والتشوّف الإنساني النبيل أدواراً لافتة للنظر).
وفى عام 1978، صدرت مجموعة خضير القصصية الثانية: (فى درجة 45 مئوي)، وتلتها المجموعة الثالثة: (رؤيا خريف) 1995. وسجلت كل من المجموعتين مرحلة متقدمة عما سبقها في العالم القصصي للكاتب، الذي لم يكفّ عن محاولته الدؤوب لإقامة المتخيل الخارق للمدن، وخلق عوالم مدينية تضرب جذورها في عمق التاريخ الواقعي والخيالي.
وضمن سياق احتفاء محمد خضير بمدينته البصرة، أصدر عام 1993 كتابه”: (بصرياثا – صورة مدينة)، الذي سجل فيه وتخيل حياة البصرة في تسعة مشاهد. وصاغ بهذا الكتاب (بياناً شخصياً) يؤكد فكرة (المواطن الأبدي) التي يعمق خضير ـ من خلالها ـ وجوده الإنساني والكتابي، وانتماءه لمدينته.
روايات محمد الخضير
سيرة مدينة بصرياثا لمحمد الخضير في عام 1996
روى محمد خضير في “بصرياثا” عما هو معلوم ومدبر في سطور القدر، ليس كل ما فيها عجيباً، لكن الغرابة سلطة كل مواطن فيها، وحق يعلو على أية سلطة .
ولا بد لك، كقارئ، وقد سرت إليك شهوة العجب، أن ترى ما هو شائع وعادي في الطبائع والمسالك بين الأقوام، على أنه عجيب ونادر لا شبيه له في هذه البلاد، فالأصمعي روى عن نخلة، الجرذان تصعدها وتأكل من ثمرها، والجاحظ رسم مشهداً للغربان تغطي رؤوس النخيل المضطرمة تلتقط ما تخلف من حشف التمر من الكرب والليف، وكانت لا تقترب أوان نضجه في العزوق. والنبهاني والقزويني وشهرزاد، رووا عجائب أخرى من البر والبحر. وسيزيد محمد خضير، روايات التعايش الرؤوم تلك، فيقتفي الأقدار المشتتة لكائنات الأمس واليوم.
كراسة كانون 2001
يوازي محمد خضيّر في روايته ـ سردياً ـ بين تخطيطات للفنان الإسباني (غويا) وفنانين آخرين أمثال بيكاسو وهنري مور، كخطاب تشكيلي، وبين الخطاب اللفزي. غير أنّ مجموعة تخطيطات (غويا) المعنونة (حلم العقل) تلعب دوراً مهماً فيما يُدعى بالاستعارة الاستبدالية، وتتلخص فكرة هذه التخطيطات في العبارة التي خُطّت على جانب المنضدة والتي تقول “عندما ينام العقل تستيقظ الوحوش”. ويقول الكاتب: “أجل، غويا هو الذي ودّع عالم “المايات” الجميلات في الساعة نفسها التي قصفت بها الطائرات مدينة بغداد بالقنابل عام 1991، هو الذي سأتكلم بأحلامه، أحلام العقل والجنون”.
ويعتمد محمد خضير، في بناء هذه الرواية، على ما يُدعى بالاستعارة الاستبدالية حيث تؤدي المحفورات الفنية للفنانين بيكاسو وغويا وهنري مور وجواد سليم وفائق حسن .. إلخ، دور (الطرس)، كما يسميه جيراي جينيث، أي الصورة الخلفية المائية على الرُق ـ إن جاز القول ـ للصورة الواقعية ـ المخيّلة. اي أن هناك بناء مركباً من طبقتين المعنى ومعنى المعنى/الأصل والمنزاح/حيث دائماً تستبدل الصورة الواقعية بالصورة الفنية (التخطيطية) في ضرب من الهندسة والدمج بين الأشكال في فضاء تخيّلي. وهكذا يمكن القول إنّ رواية (كرّاسة كانون) هيحكايات ـ أو كما أسماها وهي تخطيطات لوجوه جسّمها ضوء فانوس قديم. كل شخصية تقص في الزمان والمكان نفسه ما رأت أو سمعت أو فعلت هذه الروايات، الحكايات، تم جمعها ضمن تراتبية وفي إطار فكرة متنامية.
مقالات محمد الخضير : مقالة الرجل والفسيل 2013
ضم في بدايته (ص5) مقتطفات من بعض حوارات وملاحظات ويوميات الراحل منها (ثراء السرد) الذي يذكر فيه :”أنْ تكتبَ يعني أن تقولَ لمن يُصغي إليك قولاً يجهل حقيقتَه أو شيئاً من حقيقته ، وإلا فلماذا تكتب أو تقول. أن تكتب يعني أن تملك ما يُقال، وما يقال ينبغي أن يكون نافعاً..” و( مخاض الكتابة) ويرد فيها “الكتابة مخاضٌ حقيقي، ومن دون هذا المخاض تُولد النصوص خُدّجاً”، و(اللحظة) تلك التي :” أتلمسها بين أصابعي، ناعمةً وشفافةً وقصيرةَ العمر، ما أن تلمسها حتى تذوب بين أصبعيك. الزمن لا مكوث له . ينساب بين أصابعك كأنه سائل لا كثافة له. سائل ليس كالسائل أيضاً. انه يمتلك سيولته الخاصة..”. و(مرثية العمر الجميل) فـ” غالباً – إن لم تكن دائماً – تأتي الكتابة عن الذات في نهاية العمر لا في بدايته ، والكتابة عن الذات هو ما يُصطلَح عليه في الأجناس الأدبية بالسيرة الذاتية التي يُكرّس فيها الكاتب جهده في سرد حياته وتجربته ومواقفه من الحياة والفكر والإبداع . أهي القبض على ما فات من سنوات العمر الجميل والإمساك ؟ أهو رثاء العمر أم زهوه؟..”. في التقديم (ص7 ) يذكر القاص محمد خضير انه يجمع مقالاته عن القاص الراحل محمود عبد الوهاب، ليثبّت بنشرها في كتاب قولاً سدّده نحوه على سبيل المداعبة والمماحكة وعمق العلاقة وثرائها بينهما ، في احتفال أقيم له على قاعة عتبة بن غزوان بالبصرة و في أيامه الأخيرة ، احتفاءً بفنه وتجربته الإنسانية النقية الناصعة. يذكر القاص محمد خضير، (ص8 ) ، من المنصة، في ذلك اليوم، ألقيتُ بقولي هذا:” إن مقالة واحدة منكَ مقابل خمس مقالات أكتبُها عنكَ، لهي معادلة عادلة.. أقبلُ بها راضياً وادعاً، فلا أقلَّ من هذا العدد يساوي حضوركَ بيننا اليوم”. ويضيف في تقديم (الرَّجُـل والفسيل) :”أسدد هذه المعادلة ثانية، في غياب الصديق الكبير، لأسوي ديناً لم أحسمه في حياته، لعل إضافة مقال أو كتاب كلما حانت ذكراه تسدّ عن حضوره في محفل أو مجلس يظلّ فيهما كرسيه خالياً منه. لم يجبني محمود على معادلتي، لا في الحفل ولا بعده، ولا أحسب أن تسويتي اليوم ستسدّ فراغه. لا في الحفل ولا بعده. دفع محمود حياته وأدبه، ودافع عنهما بنفسه وحيداً فلما مات جاء مَنْ يسدّ مسدّه. لا عدل في هذا التسديد. ولا جواب. وهذه هي النهاية الحزينة”. وقد تضمن الكتاب مقالات كتبها القاص محمد خضير، هي :ظاهرة محمود عبد الوهاب (20 /10 /1999) وأشياء لا تُمحى.. اسم لن يزول (4 /1 /2006 )، وقلبُ العالم -1- .. محمود عبد الوهاب في خمسة تعريفات،(18 /5 /1996)، وقلب العالم-2 – .. مقدمات لقصص محمود عبد الوهاب، (25 آذار 2011)، وعنوان محمود عبد الوهاب، (26 /1 /1996 )، ومات وحيداً،(7 /12 /2011 )، وعينان على الأفق البعيد، في أربعينية محمود عبد الوهاب (20 /1 /2012). كما تضمن الكتاب فصلاً بعنوان (نصوص الغرفة) الذي احتوى على ملاحظات للقاص محمد خضير عن بعض كتابات ومسودات تركها الراحل، بعضها غير مكتملٍ، واختار الراحل لها عنواناً أولياً هو (ثامن أيام الأسبوع)، وعلق خضير عليها: سترتدّ قراءةُ نصوص (اليوم الثامن) إلى فصول، ازدهارها الأولى، وتلتمس تقنيات (اليوم السابع) ودلالاته، ذات الرائحة الملتصقة بالأردية والهيئات القديمة. وقد نشرت، في الكتاب، تلك النصوص غير المكتملة وهي: سرير الرجل العجوز، وعطلة الأعزب، وافتتاح آخر، وتلك اللحظة.. ماذا يفعل العالم؟ والجدار. والقاص محمد خضير رأى بأنه لم تتبقَ من محاولات محمود عبد الوهاب الناقصة غير قصص قليلة كاملة، تستحق النشر في إضمامة، تلتحق بهذا الكتاب وان عدد القصص سبع وكان قد تم نشر بعضها في الدوريات العراقية وأنها الأكمل بين القصص السبع الكاملة له وهي: دروكوكو، وامرأة الجاحظ، وتلك الليلة، والوجه المفقود، والضحك من خلال الدموع، والرجل البدائي، وحكاية قديمة. ويرى محمد خضير أن جمع تلك القصص، وإعادة نشرها مجدداً في (الرَّجُـل والفسيل) و بعد سنة من وفاة محمود عبد الوهاب :”سيملأ جزءاً من لوحة الغياب الفاجع، لكنه لن يطمس الأثر الباقي من لوحة (رائحة الشتاء) في ذاكرة القراء الذين قرأوا نصوصها، فلقد قطع الرحيلُ السرمدي لرجل استثنائي أيَّ أمل في إنتاج متعدد الأصول. رحلت السحابة بمطرها، وأُغلِق الشباك على ساحته بعد أن اكتفى الأسلوب بعنوان أصيل، وأبى تشقيق عنوانات فرعية له من الأثر المكتوم”. مبادرة القاص محمد خضير وأمانته بالترافق مع إخلاصه، وجهده الواضح في (الرَّجُـل والفسيل)، شهادة عن مثلٍ وقيمٍ نادرةٍ في الوفاء والإخلاص، في الزمن العراقي الراهن، لعلاقة عميقة جمعت بينه وبين محمود عبد الوهاب. علاقة ذكر عنها القاص محمد خضير انه: حين وقّعَ محمود عبد الوهاب اسمه على أول قصة نشرها (خاتم ذهب صغير- عام 1951) كنتُ استعمل اسمي استعمالاً ابتدائياً على دفاتري المدرسية. كان آنذاك – محمود عبد الوهاب – يثب على جسور المخاطر الحديدية، فيما كنت اجلس مطمئناً على رحلة خشبية. الاسم الحديدي والاسم الخشبي رحلا مفترقين، غير عابئين بالقوانين والاحتمالات التي ستجمعهما في إطار مشترك يقرّب علامات زمنيهما المتفاوتة.