ما حكم إيقاف الزكاة مع الاقرار بوجوبها
أهلا بكم، نستعرض لكم
ما حكم إيقاف الزكاة مع الاقرار بوجوبها
إيقاف الزكاة في المصطلح الإسلامي هو: الامتناع من دفع الزكاة، وعدم إخراج الحق المفروض منها، وإذا منعها المسلم؛ أخذت منه، وعزر، وإذا خرج بذلك عن قبضة الحاكم الشرعي؛ قاتله حتى يؤديها، ولا يخرجه ذلك عن الإسلام.
إيقاف الزكاة[عدل]
إيقاف الزكاة بمعنى: “عدم دفع الحق المالي الواجب إخراجه، عند استيفاء شروط وجوب الزكاة”. والمقصود من إيتاء الزكاة: صرفها في مصارفها، ويمكن للمزكي دفعها للمستحقين، أو تسليمها للجهة المختصة في الدولة، لتتولى صرفها، وإذا طلبها السلطان؛ لزم دفعها إليه. ويختلف حكم إيقاف الزكاة باختلاف الأحوال، والأسباب المقترنة به، فلا بد من أن يكون الشخص مسلما، من أهل وجوب الزكاة، وأن يمنع دفع حق لازم، وألا يكون له مبرر شرعي؛ لذا يطلب الاستفصال، واستبيان سبب، فقد يكون المنع للزكاة بسبب الجهل بالأحكام الشرعية، أو التلاعب أو غير ذلك.
روى مسلم بسنده حديث: «عن أبي هريرة تحدث: بعث رسول الله عمر على الصدقة فقيل إيقاف ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله فقال رسول الله : “ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد؛ فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها معها”، ثم تحدث: “يا عمر! أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه؟[1]».[2][3]
تحدث النووي: «ومعنى الحديث: أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنا منهم أنها للتجارة، وأن الزكاة فيها واجبة، فقال لهم: لا زكاة لكم علي، فقالوا للنبي : إن خالدا إيقاف الزكاة، فقال لهم: إنكم تظلمونه؛ لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول عليها، فلا زكاة فيها. ويحتمل أن يكون المراد: لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها؛ لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعا فكيف يشح بواجب عليه؟ وقوله: : «هي علي ومثلها معها» معناه: أني تسلفت منه زكاة عامين، والصواب أن معناه: تعجلتها منه، وقد جاء في حديث انتهاء في غير مسلم إنا تعجلنا منه صدقة عامين».[2]
وقال القاضي عياض: «لكن ظاهر الأحاديث في الصحيحين أنها في الزكاة لقوله: بعث رسول الله عمر على الصدقة، وإنما كان يبعث في الفريضة». تحدث النووي: «الصحيح المشهور أن هذا كان في الزكاة لا في صدقة التطوع، وعلى هذا تحدث أصحابنا وغيرهم».[2]
الحكم[عدل]
إذا إيقاف الزكاة مع اعتقاد وجوبها؛ أخذت منه وعزره الحاكم، وإذا خرج عن قبضة الإمام؛ قاتله بحق الإسلام، ولا يخرجه ذلك عن الإسلام، لأن الزكاة من فروع الدين، ويعد مانع الزكاة مع اعتقاد وجوبها مسلما عاصيا، مقصرا، يستتاب وتؤخذ منه الزكاة، ولا يكفر بسبب هذه المعصية، ويعاقب عليها في الآخرة، إن مات على ذلك؛ لأنه من عصاة المسلمين. تحدث في المهذب: «وإن إيقاف الزكاة أو غل أخذ منه الفرض وعزره على المنع والغلول، وقال في القديم: يأخذ الزكاة وشطر ماله».[4] وقال النووي: «إذا لزمته زكاة فمنعها أو غلها أي كتمها وخان فيها أخذ الإمام أو الساعي الفرض منه، والقول الصحيح الجديد أنه لا يأخذ شطر ماله. وقال في القديم يأخذه». وقال أيضا: «وأما مانع الزكاة فيعزر على كل تقدير، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، يخفى عليه وجوبها أو نحوه».[4] وقال ابن قدامة المقدسي في المغني: «وإن منعها معتقدا وجوبها، وقدر الإمام على أخذها منه؛ أخذها وعزره، ولم يأخذ زيادة عليها، في قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأصحابهم. وكذلك إن غل ماله فكتمه حتى لا يأخذ الإمام زكاته، فظهر عليه».[5]
قتال مانعي الزكاة[عدل]
إذا امتنع جماعة من دفع الزكاة للسلطان، وخرجوا بذلك عن قبضته، ولم يتمكن من أخذها منهم، وهم أصحاب، شوكة ولهم قائد؛ قاتلهم السلطان حتى يؤدوا الزكاة، تحدث ابن قدامة: «فأما إن كان مانع الزكاة خارجا عن قبضة الإمام قاتله؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم قاتلوا مانعيها، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لـ رسول الله لقاتلتهم عليه». فإن ظفر به وبماله، أخذها من غير زيادة أيضا، ولم تسب ذريته؛ لأن الجناية من غيرهم، ولأن المانع لا يسبى، فذريته أولى. وإن ظفر به دون ماله، دعاه لـ أدائها، واستتابه ثلاثا، فإن تاب وأدى، وإلا قتل، ولم يحكم بكفره».[5]
إيقاف الزكاة في خلافة أبى بكر الصديق[عدل]
في زمن خلافة أبي بكر الصديق امتنعت بعض القبائل من دفع الزكاة إليه، متأولين ذلك بقولهم: «إنما كنا نؤدي لـ رسول الله ؛ لأن صلاته سكن لنا، وليس صلاة أبي بكر سكنا لنا، فلا نؤدي إليه»، وقتاله إياهم بذلك لكونهم بغاة وليسوا كفارا، كما أن عمر وغيره من الصحابة امتنعوا من القتال في بدء الأمر، ولو اعتقدوا كفرهم لما توقفوا عنه، ثم اتفقوا على القتال، وبقي الكفر على أصل النفي، ولأن الزكاة فرع من فروع الدين، فلم يكفر تاركه بمجرد تركه، كالحج، وإذا لم يكفر بتركه، لم يكفر بالقتال عليه كأهل البغي.[5] ويحتمل أنهم جحدوا وجوب الأداء لـ أبي بكر رضي الله عنه ولأن هذه قضية في عين، ولا يتحقق من الذين تحدث لهم أبو بكر هذا القول، فيحتمل أنهم كانوا مرتدين، ويحتمل أنهم جحدوا وجوب الزكاة، ويحتمل غير ذلك، فلا يجوز الحكم به في محل النزاع، ويحتمل أن أبا بكر تحدث ذلك لأنهم ارتكبوا كبائر، وماتوا من غير توبة، فحكم لهم بالنار ظاهرا، كما حكم لقتلى المجاهدين بالجنة ظاهرا، والأمر لـ الله تعالى في الجميع، ولم يحكم عليهم بالتخليد، ولا يلزم من الحكم بالنار الحكم بالتخليد، بعد أن أخبر النبي أن قوما من أمته يدخلون النار، ثم يخرجهم الله تعالى منها ويدخلهم الجنة.[5]
بعد ما بويع أبو بكر الصديق خليفة للمسلمين، شغف على تطبيق أحكام الشرع الإسلامي كما الطريقة النبوية، وقد كانت بعض القبائل قريبة عهد بالإسلام، وقد واجه أبو بكر الصديق ظاهرة إيقاف الزكاة من بعض هذه القبائل. روى البخاري: «عن أبي هريرة تحدث: لما توفي النبي ، واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، تحدث عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن تحدث لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. تحدث أبو بكر: “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها لـ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها”. تحدث عمر: “فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق”».[6] وفي هذا الحديث بيان تاريخ الأحداث في زمن خلافة أبى بكر الصديق، فقد قاتل أهل الردة ومانعي الزكاة من البغاة، وقول أبي هريرة: «لما توفي رسول الله واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب.» يقصد بمن كفر: أهل الردة، وقد قسم العلماء الذين امتنعوا من دفع الزكاة لـ أبي بكر الصديق لـ قسمين: القسم الأول: أهل الردة وهم الذين ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعادوا لـ الكفر بعد إسلامهم، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: «وكفر من كفر من العرب». ومن هؤلاء أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في النبوة، وأصحاب الأسود العنسي ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مسيلمة باليمامة، والعنسي بصنعاء وانفضت جموعهم وهلك أكثرهم. ومن هذا القسم أيضا: الذين ارتدوا عن الدين وأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من أمور الدين وعادوا لـ ما كانوا عليه من عبادة الأصنام وغير ذلك. والقسم الثاني: هم الذين لم يرتدوا عن الإسلام، ولكنهم فرقوا بين الصلاة والزكاة فأقروا بالصلاة، وأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها لـ الإمام. وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي. ومنهم من لم يمتنع من دفع الزكاة إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا على أيديهم في ذلك مثل بني يربوع، فإنهم قد جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوا بها لـ أبي بكر رضي الله عنه فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم.[7] أما القسم الأول وهم أهل الردة فقد اتفق الصحابة على قتالهم بسبب الردة، وقاتلهم أبو بكر الصديق حتى انتهى أمرهم. وأما القسم الثاني فلم يحكم عليهم بالردة؛ لجهلهم بالأحكام وقرب عهدهم بالإسلام، وإنما قاتلهم أبو بكر الصديق؛ لأنهم بغاة، والباغي يقتل بحكم الإسلام، وحكمه حكم المسلمين.[توضيح 1][8] وفي هذا تحدث عمر: لأبي بكر «كيف تقاتل الناس وقد تحدث رسول الله : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن تحدث لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله؟..»» بمعنى: أن من نطق بالشهادتين معصوم الدم والمال فكيف تقاتلهم؟ فقال أبو بكر: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لـ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.» فقال عمر: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق». «تحدث ابن بكير وعبد الله عن الليث عناقا وهو أصح».[9]
اذا لم تجد اي بيانات حول
ما حكم إيقاف الزكاة مع الاقرار بوجوبها
فاننا ننصحك بإستخدام موقع السيرش في موقعنا مصر النهاردة وبالتأكيد ستجد ماتريد ولا تنس ان تنظر للمواضيع المختلفة اسفل هذا الموضوع