هل يجوز الاحتفال بالإسراء والمعراج هو سؤال يفتح الباب بموضوع رأي الشرع الإسلامي بمسألة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج والأدلة الشرعية على هذا الرأي، وجدير بالحديث إنَّ هذا السؤال يتصدر الواجهة في كل عام مع اقتراب موعد ليلة الإسراء والمعراج، ومن خلال هذا المقال من سوف نتحدث عن ليلة الإسراء والمعراج، وسنلقي الضوء على وعلى بعض المواضيع التي تتعلق بهذه الليلة.
قصة الإسراء والمعراج
إنَّ قصة الإسراء والمعراج هي معجزة من المعجزات التي أيّد الله -سبحانه وتعالى- بها الرسول محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد حصلت هذه القصة في ليلة من أيام وليالي عام 621 للميلاد، وهذا ما وافق السنة الحادية عشر أو الثانية عشر من البعثة النبوية، أي قبل الهجرة لـ المدينة المنورة، حيث بعث الله تعالى الوحي جبريل الأمين -عليه السلام- لـ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأسرى به من مكة المكرمة لـ المسجد الأقصى، ثمَّ عرج به لـ السماء السابعة من المسجد الأقصى، ثمَّ عاد لـ فراشه في نفس الليلة، وكان هذا على دابة اسمها البُراق، وقد جاءت هذه الحادثة في سورة من سور القرآن الكريم، سُمِّيت هذه السورة بسورة الإسراء، تحدث تعالى في بدايتها: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَوالدةِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وهذه الآية دليل على صدق هذه الحادثة، والله أدري.
اقرأ أيضًا:
موعد ليلة الإسراء والمعراج
تصادف ليلة الإسراء والمعراج في اعتقاد الكثير من المسلمين في العالم اليوم يوم السابع والعشرين من شهر رجب من كل عام هـ، وهذا يعني أنَّ ليلة الإسراء في هذا العام سوف تصادف يوم الاثنين الموافق ليوم 27 من شهر رجب من عام 1445، وجدير بالحديث إنَّ تحديد ليلة الإسراء والمعراج في يوم 27 رجب ليس له أي دليل في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية الشريفة.
اقرأ أيضًا:
هل يجوز الاحتفال بالإسراء والمعراج
اتفق أهل العلم من فقهاء الإسلام على أنَّه لا يجوز للمسلمين الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج؛ لأنَّها ليس لها أصل في الشرع الإسلامي، ولم ترد في أي نص إسلامي شرعي من القرآن الكريم، أو من السنة النبوية الشريفة، وجدير بالحديث إنَّ العلماء رأوا أنَّ الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بدعة من البدع المحدثة في الدين، ومن المعروف أنَّ كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وهذه البدعة ابتدعها العبيديون في مصر، وكانوا يعبدون الله بالطريقة التي يشتهونها، فيبتدعون البدع في الدين بالطرق التي يريدونها دون مسؤولية أو حساب، ولا بدّ من القول إنَّ الأدلة على تحريم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج كثيرة جدا، ومنها:
- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تحدث في الحديث: “إيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”.
- جاء عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “كانَ عمرُ بنُ الخطَّوالدِ في سفَرٍ فصلَّى الغداةَ، ثمَّ أتى على مَكانٍ فجعلَ النَّاسُ يأتونَهُ فيقولونَ: صلَّى فيهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ،فقالَ عمرُ : إنَّما هلَكَ أَهلُ الْكتابِ أنَّهم اتَّبعوا آثارَ أنبيائِهم فاتَّخَذوها كنائسَ وبيعًا، فمن عرَضت لَهُ الصَّلاةُ فليصلِّ وإلَّا فليَمضِ”، والله تعالى أدري.
اقرأ أيضًا:
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ابن باز
تحدث الشيخ ابن باز -رحمه الله- إنَّ الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج غير جائز في الشرع الإسلامي، وقال إنَّ هذه الليلة لا يمكن تحديدها في وقت معين، وإنّ تحديدها في السابع والعشرين من شهر رجب غير صحيح وغير مؤيد بأي نص من النصوص الشرعية الإسلامية في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أخفاها الله تعالى عن الناس أجمعين لحكمة بالغة، ربما لكي لا يخصها الناس بالعبادات دون غيرها، وهذا يعني أنَّ الاحتفال بهذه الليلة غير جائز في الشرع الإسلامي، وعلى المسلمين التنبه لـ هذه النقطة المهمة، والله تعالى أدري.
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ابن عثيمين
والدةَّا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فقد شدد هو أيضًا على أنَّ الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج لا يجوز في الشرع الإسلامي، وقال إنَّ هذا بدعة مُحدثة في الدين والبدع في الإسلام ضلالات، والضلالات في النار كما وضّح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، واستدل ابن عثيمين -رحمه الله- في هذه الفتوى في أنَّه لم يرد في الشرع الإسلامي أي نص يتحدث عن هذه الليلة وعن فضل العمل فيها أو الاحتفال فيها أو تحديد وقتها، فهي غير معروفة وتحديدها في يوم السابع والعشرين من شهر رجب غير صحيح، ولا يوجد عليه أدلة، والله تعالى أدري.
آراء العلماء في الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج
كثيرة جدا هي الأقوال التي وردت عن أهل العلم في مسألة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج في الإسلام، ومن هذه الأقوال ما سيأتي:
- تحدث الشيخ ابن تيمية رحمه الله: “ولا يعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها، لا سيما على ليلة القدر، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها، ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت”.
- تحدث محمد ابن إبراهيم آل الشيخ: “إن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج أمر باطل، وشيء مبتدع، وهو تشبه باليهود والنصارى في تعظيم أيام لم يعظمها الشرع”.
- تحدث ابن الحاج: “ومن البدع التي أحدثوها فيه أعني في شهر رجب ليلة السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج”.
اقرأ أيضًا:
قصة الإسراء والمعراج في القرآن والسنة
وردت قصة الإسراء والمعراج في القرآن الكريم والسنة النبوية المباركة في كثير من المواضع، ومنها:
- تحدث تعالى في بدء سورة الإسراء: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
- تحدث تعالى في أوائل سورة الفنان: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَوالدَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ}.
- تحدث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث: “بينا أنا عندَ البيتِ، بين النائمِ واليقِظانِ، إذ أقبل أحدُ الثلاثةِ بين الرجُلَين، فأتيتُ بطستٍ من ذهبٍ، ملآنَ حكمةً، وإيمانًا، فشق من النحرِ لـ مراقِ البطنِ، فغسل القلبَ بماءِ زمزمَ، ثم مُلئَ حكمةً، وإيمانًا، ثم أتيت بدابةٍ دون البغلِ، وفوقَ الحمارِ، ثم انطلقتُ مع جبريلَ عليه السلامُ، فأتينا السماءَ الدنيا”.
لـ هنا نصل لـ انتهاء هذا المقال الذي عرفنا في أوله ليلة الإسراء والمعراج، ووضعنا موعد هذه الليلة، ثمَّ مررنا على هل يجوز الاحتفال بالإسراء والمعراج، ومررنا على آراء أهل العلم في مسألة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، ووضعنا الآيات والأحاديث التي ذكرت قصة الإسراء والمعراج.
